يتذكر طفولته وجده الملك عبد العزيز ومداعبته له واختباره إياه حين سأله: يا خالد من الأمير فيكم ها لحين؟ أنت ولا أبوك ولا خالك؟ يقول سموه: وكان السؤال مفاجئ وصعب لأنه كان بحضور أبوي وخالي فقلت له: والله يا طويل العمر إذا جيت أنت لا عاد لي سنع أنا ولا أبوي ولا خالي. نستشف من هذا الموقف تأثر سموه بسؤال جده حتى أن هذا السؤال بقى عالقا في ذهنه على الرغم من صغر سنه في ذلك الوقت، كما يدل الموقف عامة على فطنة سموه وسرعة بديهته وهو الطفل الذي لم يتجاوز السادسة من عمره.

تمتع سمو الأمير خالد الفيصل بشخصية مستقلة، ولم يرض بغير الصدارة منذ طفولته تجلى هذا الحس في موقفه في أول رحلة له مع جده الملك عبد العزيز وقد كانت هذه الرحلة من الأحساء إلى الظهران وكان مع الملك عبد العزيز أبناؤه وأحفاده ومنهم الأمير خالد الفيصل وكانت هذه المرة الأولى التي يركب فيها الأمير خالد طائرة في حياته، تقدم الأطفال إلى مقدمة الطائرة للسلام على الملك عبد العزيز ثم عادوا إلى أماكنهم في الخلف، إلا خالد الذي بقي جوار جده!! أحب الملك عبد العزيز جرأة الأمير خالد وبراءته وفصاحته ومنطقه دون نظراءه الأطفال ممن هم في مثل سنه، بل أنه حن عليه وأجلسه إلى جواره. وكان الأمير فيصل جالسا خلف والده الملك عبد العزيز، ولاحظ أن ابنه خالد قد أطال الجلوس مع جده وخشى أن يرهقه، فمد يده للأمير الصغير وأشار عليه أن يعود للخلف إلا أنه رفض وتجاهل الأمر، محتميا بجده، معلنا بشكل غير مباشر باستقلال شخصيته، ورغبته في الصدارة.

سئل الأمير خالد الفيصل “ سمعنا وقرأنا أنك متأثر بشخصية الملك فيصل وابن جلوي فأيهم أنت؟ ، فكانت حنكته وحكمته في الجواب إذ قال تلك شخصيات لا تتكرر وليس أمامكم إلا خالد الفيصل .

في أحد المعارض الفنية للوحات سمو الأمير خالد الفيصل في الرياض، تشرف المعرض بزيارة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ، فمال عليه وسأله كيف توفق بين الفن والحكم يا خالد ؟ فأجابه الأمير خالد ” وهل الحكم إلا فن يا سيدي“

حرص سموه على الالتقاء بالمواطنين وتفقد أحوالهم وهوجانب إنساني عميق يقول سموه: “ سألت مواطنة حان دورها في مجلس النساء عن شكواها فقالت ليس لدي شكوى ولكني نذرت نذرا من زمن بعيد، وآن الأوان لتحققه لي ،أخفيت دهشتي و استوضحتها، فاستطردت تقول :أول سنة جيت إلى عسير ونزلت تهامة كنت أقف أمام شباك منزلي في محايل أحمل صغيري المريض فهتف وهو يبكي أريد بشت الأمير، وقتها قلت له إذا عافاك الله، وكبرت ازوجك -إن شاء الله - في بشت الأمير، وها هو إبني قد بلغ مبلغ الرجال وحان موعد زواجه وجئت إليك أطلب الوفاء بنذري” .

من معالم بره بوالدته حين كانت والدة الأمير خالد الفيصل – تغمدها الله بواسع رحمته - حية تُرزق، ظل يخصها بأول زيارة حين يصل إلى الرياض فهو يتوجه مباشرة من المطار إلى منزلها، والاطمئنان عليها وعلى صحتها، والجلوس معها بضع ساعات قبل أن يذهب إلى منزله، وهذه صورة عظيمة من صور بر الوالدين، والبر في عمومه الذي يتمثل في خالد الفيصل لجميع أهله وأقربائه هذا غير المكالمات الهاتفية معهم حين يكون في أبها. ولم يكن يهتم بالزيارات الواجبة مع والدته فقط، بل مع جميع أخوته في كل زيارة له للرياض يخصهن بزيارات متعددة؛ كان يعلم أنهن سماد الرزق والبركة والتوفيق“

من معالم بره بوالده الملك فيصل بن عبد العزيز - تغمده الله بواسع رحمته – أنه كان ولايزال المدير العام لمؤسسة الملك فيصل وهي واحدة من أكبر المنظمات الخيرية في العالم تسعى إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي بين المجتمعات الأقل حظًا، وزيادة الوعي بالحضارة الإسلامية وتشجيع الأنشطة الثقافية والعلمية للنهوض بالبشرية. وعمل سموه على تخصص ريع أغلب المعارض الفنية التي أقامها داخل المملكة وخارجها لمؤسسة الملك فيصل الخيرية ثم لجامعة الفيصل، كما خصص لهما دخل أول ديوان له وهو” قصائد نبطية“ بل هذه الرغبة الإنسانية في التبرع كانت الدافع وراء طباعة ديوانه الأول. وواصل سموه إقامة المعارض الفنية وإصدار الدواوين الشعرية والتبرع بدخلها لمؤسسة الملك فيصل الخيرية يدفعه البر بوالده من جانب وإنسانيته من جانب أخر.

من معالم إنسانية سموه، واستشعاره بمسؤوليته اتجاه الوطن والمواطن، وتفعيلا لمهمته المتمثلة في كونه مستشار خادم الحرمين الشريفين، وأمير منطقة مكة المكرمة، قدم سموه أول مبادرة وطنية فريدة من نوعها بعنوان ”بِرّاً بمكة“ وذلك عام2020م لرصد الأسر المحتاجة وأصحاب الأعمال الميدانية الصغيرة المتأثرة خلال فترة منع التجوّل، والأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة و تقديم الدعم لهم لمواجهة الآثار الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، وذلك بالتنسيق مع لجنة السقاية والرفادة بالإمارة.

الأمير خالد الفيصل أول من دعا إلى تحديد المهور في المملكة عبر شيوخ القبائل ، فمشكلة غلاء المهور أول المشكلات التي يرى سموه ضرورة أن تكون له اليد الطولى في حلها بمساعدة شيوخ القبائل.

آمن سموه بأهمية الإنسان في إقامة المشاريع التنموية، كما آمن سموه بنظام المردود المتبادل بين المكان والزمان فحرص على التواصل والتحاور مع كل أطياف المجتمع خاصة الشباب للتصدي للثقافات المجتمعية السلبية، ودعا سموه لمواجهة ثقافة الإحباط بالثقة بالنفس والتفاؤل.

يحتفى سمو الأمير خالد الفيصل بالوطن، ويشيد بمنزلته، فهو ضمير كل إنسان، ومصدر كل خير يكتبه الله له، ويعلل ذلك بأن المرء يولد على أرضه وليس له في الدنيا من شيء إلا شرف الانتساب إليه.

توضيح سمات المجتمع السعودي وانفتاحه على الآخر وتقبله لمظاهر التطور والتعايش السلمي مع الحضارات والثقافات المختلفة، فخلال حديث سموه في مجلس الشيوخ الفرنسي ذكر سموه خلال الندوة التي كانت بعنوان ”نظرات على المجتمع السعودي“ بأنه قادم من مكة عاصمة الإسلام إلى باريس عاصمة النور والى البرلمان الفرنسي العريق الذي أسس ثلاثية الفكر المعاصر: الحرية ، والاخاء، والمساواة. ودعا سموه إلى (تحالف القيم) الذي يجمع الإنسانية بسائر أطيافها وخاصة حضارة الإسلام المشرقة بالحضارة الغربية المعاصرة، كما دعا سموه إلى إنشاء مركز ثقافي سعودي فرنسي يكون ميداناً حياً لهذا التحالف والتعاون.

سئل الأمير خالد الفيصل عند وصوله إلى جدة متى سيرمم قصره والده الملك فيصل، وربما يصبح متحفاً للملك فيصل، فرد سموه رداً يظهر حرصه وهمه الاوسع في خدمة مكة المكرمة فقال ليس قبل أن تصبح مكة من أجمل المدن.

تنبه سموه لجذور الإرهاب في وقت مبكر ونبه عليها قبل أن يستشعر خطرها كثيرون، وحاول أن يواجه الأفكار المتطرفة ويرد على الأحداث والجرائم اللاإنسانية بطريقة سلمية تذكي الروح الوطنية وتعزز الوحدة وتعلى من شأن الارتباط بالوطن انتماء وولاء. ولتحقيق هذه الغاية سلك سموه طرق عدة منها: إقامة مسابقة أبها الوطنية, تتناول المسابقة سبعة مجالات أدبية وفنية، لمواجهة الأفكار المتطرفة وأعمال العنف والإرهاب، وقد أعلن سموه عن هذه المسابقة ورصد لجوائزها مبلغ مليونا ومئتي ألف ريال من حسابه الخاص يكون هذا المبلغ جوائز لمسابقة.

تصدى سموه لما يعرف بالمنهج الخفي، الذي انتشر في المدارس والمعاهد والجامعات والمساجد تمرر من خلال هذا المنهج أفكار متطرفة بطريقة غير مباشرة فتؤثر سلباً على المجتمع؛ لذا عقد سموه في أبها عام 1425هـ ندوة بعنوان (المنهج المعلن والمنهج الخفي) ازيحت في هذه الندوة ما الصق بمناهج التعليم في السعودية من حملها لأفكار متطرفة

يقول سموه (لا تجعلوا عقول أبنائنا مستودعات للتلقين فقط، وإنما اجعلوا من هذه العقول شعلة ثقافية وشعلة وطنية وشعلة إسلامية..)

يقول سموه ( إن من يتبنون أممية الهوية والجنسية لا يريدون أحداً أن يقول أنا سعودي ولا يريدون أحداً أن يقول أنا عربي ..... يريدون طمس الجنسية والهوية وإضعاف روح الانتماء والوطنية لدى المواطن السعودي وإذا فقدنا جنسيتنا وهويتنا ماذا يبقى لنا؟؟)

يقول سموه: (الفكر المنحرف يريد أن يوقف مسيرة هذه البلاد ويريد أن يفتت وحدتها وأن يشل سواعد أبنائها...إن كل من في هذه البلاد سوف يقف صفا واحدا أولا لإعلاء كلمة الله ثم لنهضة هذه البلاد، رغم أنف كل من يحقد ويحسد)

يقول سموه: (يدعون اليوم أنهم رواد الوسطية في هذه البلاد... هم الذين نشروا فكر سيد قطب وفكر المودودي وهم من تلامذة محمد قطب... افتحوا الانترنت على مواقعهم واقرأوا ما ينشر فيها من تهجم على الأنظمة وعلى القيادات في العالم العربي وفي العالم الإسلامي)

يقول سموه: (أفيقوا أيها الأخوة من غفوتكم، لقد كان من أخطأ أخطائنا... أننا بعد احتلال جهيمان وعصبته الخارجة الحرم، اعتقدنا أننا قضينا على ذلك الفكر بقضائنا على تلك الزمرة، فتركنا من وراء ذلك الفكر، ليجدد نشاطه، وليضم ويوحد صفوفه.. فينتقم منا بما يسمى بعد ذلك بالصحوة حتى احترق أبناؤنا في شوارعنا)

رغبة من سموه في نشر ثقافة الاعتدال ونبذ التطرف بين أفراد المجتمع السعودي لاسيما وهو منهج المملكة عبر الامتداد التاريخي، وجه سموه إلى إنشاء مركز الاعتدال الذي بدأ عام 1432هـ بكرسي الأمير خالد الفيصل للاعتدال في جامعة الملك عبد العزيز، وبعد خمس سنوات أي عام 1437هـ صدرت موافقة سموه على تحويل الكرسي إلى مركز يعتمد على استراتيجية التأصيل العلمي والبناء المعرفي في نشر الاعتدال ونبذ التطرف، ، لذا يسعى المركز إلى تأصيل الشواهد والمواقف الدالة عليه والمحفزة له، باعتبار الاعتدال إحدى السمات الدينية والحضارية والعمل على بلورتها في الواقع المعاش من خلال سلوك سياسي واقتصادي واجتماعي. وفي ١٤٤٠/١/٢٤ هـ صدر قرار معالي وزير التعليم بالموافقة على تغيير اسم مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال إلى مسمى معهد الأمير خالد الفيصل للاعتدال بجامعة الملك عبدالعزيز ليصبح صرحاً علمياً رائد في نشر ثقافة الاعتدال في المملكة والعالم الإسلامي.

دعم وإبراز الجهود والأنشطة والمبادرات الرائدة والمبدعة التي يقوم بها الأفراد أو الجماعات أو الهيئات من خلال جائزة الاعتدال والتي تهدف إلى تعزيز مفهوم الاعتدال والحصانة الفكرية وتنشر ممارسته في المجتمع ، وتكريم الشخصيات أو الجهات المتميزة التي قامت بجهود ودور ريادي في تعزيز ونشر منهج الاعتدال والوسطية في العالم علمياً أو فكرياً أو اجتماعياً أو سياسياً.، وإبراز الصورة الحقيقية والوجه الحضاري للمملكة العربية السعودية في مجال الاعتدال وتأكيد دورها في تأصيل وتعزيز قيم الاعتدال ومكافحة التطرف والإرهاب.

بتوجيه من سمو الأمير خالد الفيصل أطلقت إمارة مكة المكرمة مشروعها التنموي تحت شعار ”نحو العالم الأول“ وهو مصطلح يتعامل بكل مهنية واحترافية مع ما يتم استهدافه من نجاحات العالم الأول دون الانقياد أو الانسلاخ من القيم والثقافات التي تميزنا، وتعتبر الكعبة المشرفة المنطلق الأساسي لهذه الرؤية

تأسيس الأمير خالد الفيصل لاجتماع شهري يسمى بأسبوعيات المجلس ، المجلس يحمل في الحياة السعودية معاني كثيره ودلالات اجتماعيه عميقة ، فقد ارتبط بثقافة الانسان السعودي، ويكرس المجلس مفهوم لكلمة منتدى رأي وحوار ويفتح افاقا واسعة لحل قضايا المجتمع وتحديدا ما يخص المنطقة ومشاكل أهلها ومستقبلها ، لمنطقة تمثل قيما حضارية، دينية، روحية، اقتصادية، واجتماعية وتحتضن قبله المسلمين في كل أنحاء الارض ، وهي سنة الملك المؤسس عبد العزيز لتكون قناه للتواصل المباشر بين المواطن والمسؤول ، وبدأ عقد مجالس شهرية تضم جميع فئات المجتمع في مجلس القضاء ودعاة وأئمة المساجد في أول أحد من كل شهر، ومجلس في الاحد الثاني من كل شهر يضم رجال التعليم في الجامعات و ادارات التعليم والمثقفين ، فيما يستقبل المجلس في الاحد الثالث رجال الأعمال ، بينما يستضيف شيوخ القبائل في الاحد الرابع والأخير من كل شهر، وانتظم العقد اخيرا بمجلس الشباب الذي ينعقد في أول يوم اثنين من كل شهر. بناء الإنسان ،تنمية المكان ص ١١١-١١٢

إعادة إحياء سوق عكاظ بعد انقطاع دام 12 قرناً، واندثاره وغيابه عن الوجود والتأثير الثقافي، و هو تظاهرة ثقافية عربية كبرى ذات شخصية فريدة ومميزة، وأصبحت جوائزه محط أنظار واهتمام المبدعين والمثقفين من مختلف أرجاء الوطن العربي. يغطي مساحة واسعة من الإبداع الفني ابتداء من الشعر مروراً بالفن التشكيلي والخط العربي وانتهاء بالفلكلور، يشارك في البرامج والفعاليات مجموعة من المفكرين والشعراء من عدد من الدول العربية

اطلاقه لمبادرة رسم ورعاية والتي تهدف إلى بناء جسور فنية وتعليمية بين العالم العربي وأوروبا، وإقامة فهم أعمق للثقافات والتقاليد المتميزة والمتنوعة بين الجانبين، والعمل مع الأطفال من المدارس المختلفة والخلفيات الثقافية المختلفة ليصبحوا قادرين على تبادل المعرفة والخبرات والتعلم من بعضهم البعض ، وإقامة برنامج تبادل ثقافي للطلاب من المملكة إلى بريطانيا. كتاب رسم ورعاية

اطلاق سمو الأمير ورعايته لبوابة مكة الرقمية للبحث والابتكار وتطبيقه لمواجهة التحديات البيئية والصحية والصناعية والإدارية والاجتماعية بالمنطقة عبر منصة إلكترونية تعني بالبحث والابتكار، لتكون منصة رقمية يقدم فيها العلماء والباحثين والمبتكرين الحلول العلمية المبتكرة.

يؤكد سموه على الحضارة الإنسانية عامة لذا يقول: الأمير “ليس هناك حضارات، هناك حضارة واحدة حضارة إنسانية تنتقل من مكان إلى مكان ومن أمة إلى أمة، كل أمة وكل حضارة قامت على أكتاف الحضارة التي سبقتها، وتضيف إليها الحضارة العربية والإسلامية لم تأت من فراغ فالعلماء العرب والمسلمون ترجموا الكثير من الكتب التي أفادت في الارتقاء بمستوى الفكر والثقافة العربية والإسلامية في ذلك الوقت حتى سادت الحضارة العربية الإسلامية من أوروبا إلى الصين، ‏ولدينا الآن حضارة اسمها الحضارة الغربية وهي الأخرى بنيت على الحضارة العربية الإسلامية ولم تبدأ من الصفر فقد ترجم الغرب كتب العرب الكثيرة في العلوم والفلسفة والقانون،.. وهي التي بنت قواعد الحضارة الغربية الآن”

حمَّل سموه الثقافة والفن رسالة إنسانية يطوف بهما العالم ويبعث من خلالهما رسائل عن سماحة الإسلام وحضارة المملكة كان يرى في الثقافة والفن رسالة محبة وإخاء، رسالة تحمل تعايش الأمم، كما تدفع عن العرب عامة ما يروج عنهم من صور غير صحيحة، كان سموه على ثقة وإيمان إن العلاقات السياسية والاقتصادية لا تكفي لبناء علاقات إنسانية جيدة وثابتة بين الشعوب، وأن للفن دورا مهما في توثيق هذا الجانب يقول سموه: “نستطيع أن ننعش العلاقات الإنسانية بين العرب والبرتغاليين وغيرهم من الدول والشعوب عن طريق الثقافة والفن والعلاقات الإنسانية.. لأن العلاقات السياسية والاقتصادية فقط لا تكفي لبناء علاقات إنسانية ثابتة بين الشعوب والأمم ... ونرجو أن تكون إقامة هذا المعرض في هذه البلاد العريقة بادرة خير لعلاقات وروابط ثقافية وفكرية وفنية ...” كما قال سموه: “ لدى الإنسان رسالة عظيمة من الله تعالى هي رسالة المحبة والتعايش.. ولقد ائتمننا الخالق لنعمر الأرض، ولذلك يجب أن نتكاتف، وهذا أمر ليس مستحيلا إذا توحدت الجهود وتضافرت.... وبمثل هذه الزيارة الثقافية الفنية الحضارية التي يقوم بها الوفد السعودي للبرتغال

حمل سموه على عاتقه في زيارته الخارجية رسالة محبة وسلام وأمنيات صادقة من قبلة المسلمين في المملكة العربية السعودية، كما تتضمن رسالة صداقة للعالم أجمع .... رسالة تعاون مشترك لبناء وتعمير الأرض. لذا دعا سموه إلى التعايش الإنساني بين جميع الشعوب على اختلاف أعرقهم ودياناتهم؛ لأن الإنسان مكلف بعمارة الأرض وبناءها لا تدميرها بالكراهية والحرب يقول سموه: ” إننا جميعا خلقنا لعبادة الله تعالى وإعمار هذا الكوكب ( الأرض)، فهي مسؤولية الإنسان سواء كان مسيحيًا أو يهوديًا أو مسلمًا ... يشارك أخاه الإنسان في بناء وعمارة هذا الكوكب ليكون كفؤًا لعيش الإنسان الكريم.... الأمر الطبيعي أن نتعاون لبناء هذا الكون وليس أن نختلف ونتحارب في دماره“

وتأكيدا على دعمه لفكرة التعايش بين الشعوب زار سموه المركز الإسلامي في لشبونة وقال في كلمة ألقاها في أثناء زيارته: ” من دواعي سروري والشرف الذي حظيت به في هذه الزيارة أن تكون أولى خطواتي في لشبونة زيارة المسجد الجامع (المركز الإسلامي) وأشكركم على هذا الاستقبال“

حمل سمو الأمير خالد الفيصل لواء الوحدة والتكاتف بين أرباب الفكر العربي وذلك، لإحساس سموه بهموم الأمة العربية وحاجتها للنهوض العلمي والحضاري في ظل بروز الحضارة الغربية وتطورها، واستطاع بدعم من أرباب المال إنشاء مؤسسة فكرية عربية هي مؤسسة ” الفكر العربي “ تعني بالعلوم والآداب المختلفة وتشجع الإبداع وتكرم المبدعين، مقرها بيروت وذلك في عام 1422هـ 2001م، وحرص سموه على بقاء المؤسسة بعيدة عن التيارات السياسية. ثم بدأ سموه بجولة عربية واسعة التعريف بالمؤسسة وإيضاح الفكرة والهدف منها لقادة الدول العربية فحظي بدعمهم وتأييدهم. ص : ١٢-١٥

أدرك سمو الأمير خالد الأمير خالد الفيصل خطورة وأهمية القوة الناعمة الحديثة وعلى رأسها الأعلام بأنواعه فله دور إيجابي في بناء القيم الفكرية والإنسانية والوحدة الوطنية والفكرية، ولكن له أيضا دور سلبي إذا استخدم للهدم وزعزعة الأمن، فيتحول من باسط للحقيقة وحام لها إلى معول للفتن والتناحر ، لذلك دعا سموه لتقويم الإعلام العربي في مؤتمر” فكر ٤” ووضع العنوان الذكي في ايحاءاته وهو عنوان ”الإعلام العربي والعالمي : التغطية والحقيق”.

إدراك الأمير خالد الفيصل بأن الإحباط واليأس هو المرض العضال الذي يقمع إمكانيات الشباب ويوهن قدارتهم على العمل والإنجاز ويقودهم إلى الفشل ويحجب عنهم أنوار الأمل وما أن تولى سموه إمارة منطقة مكة المكرمة حتى عمل على إشاعة الامل والتفاؤل في مسيرة بناء الإنسان وتنمية المكان فاطلق سموه شعار“ نحو العالم الأول” . وفي مؤتمر ”فكر ٧“ كانت لسموه فرصة ثمينة لنزع غشاوة اليأس من صدور الشباب فالتقى بهم وتحدث معهم وبث فيهم الأمل وعرض تجربته الإنسانية المحفزة لهم .

واجه الأمير خالد الفيصل احباطات عدة في سبيل تأسيس ”مؤسسة الفكر العربي “ فبعض المفكرين، والمثقفين الذين استشارهم سموه في إنشاء هذه المؤسسة أشاروا عليه بأن(يصرف النظر عنها) لكنه لم ييأس وأصر على حلمه وأرسل خطاب يذكر سموه بأن لم يستشر فيه أحدا، وبعدها تلقى اتصالات عدة، من أنحاء الوطن العربي تؤيد سموه وتدعم فكرته ، وأصبح الحلم واقعا ،ونشأت المؤسسة بعد عام واحد فقط وحظيت بدعم أولي تمثل في دفع عدد من المؤيدين والمتحمسين للفكرة مليون دولار لدعم هذه المؤسسة .

وجه الأمير خالد الفيصل الشباب أثناء لقاءه بهم إلى الانخراط في خدمة أوطانهم فبدل أن يكونوا جزء من المشكلة العربية الراهنة يصبحوا هم كل الحل لتلك المشاكل ، فهم القطاع النابض بالحياة في الأمة العربية والممثل لغالبية تعداد سكانه، وهم القادرين على قيادة أمتهم نحو آفاق العصر الحديث متي ما توفرت لهم الإرادة وحسن الإدارة، وأمامهم مهمة تتمثل في مواجهة التطرف والإرهاب الذي يستهدفهم وعليهم مهمة حماية أوطانهم ومجتمعاتهم من أخطاره وشروره ، كما وجه الشباب إلى عدم الركون لشهاداتهم في البحث عن العمل بل عليهم تأهيل أنفسهم لاحتياجات سوق العمل الراهنة واكتساب المهارات والخبرات الملائمة لمجالات العمل الحديثة.

ادراك الأمير خالد الفيصل مدى القصور في التأليف والنشر العربي وحالة العزوف عن القراءة، مع الحاجة للتصدي للأمية الهجائية التي تجاوز معدلها ٢٧٪ ، مع الاهتمام بتأليف كتب تهتم بأدب الطفل، وذوي الاحتياجات الخاصة، ولمعالجة ذلك أعلن سموه عن جائزة مقدارها ٥٠ ألف دولار تمنح سنويا لأهم كتاب عربي .

حرص الأمير خالد الفيصل على تعزيز اللغة العربية والإعلاء من شانها ومحاربة هجرها وتدهور استخدامها، والوقوف أمام التيار الجارف الذي يسعى إلى محاربة اللغة العربية، رغم إنها لغة العلم والحضارة في ظل هيمنة اللغات الأخرى ولاسيما اللغة الإنجليزية سياسيا وثقافيا. وفي سبيل ذلك تبنى سموه مجموعة من المبادرات نفذتها إمارة منطقة مكة أهمها: مبادرة تحدث العربية2020م تهدف إلى توعية المجتمعات برسالة اللغة العربية وتفعيل استخدامها في كافة مناحي الحياة ، وتهدف المبادرة إلى خدمة وتفعيل ممارسة اللغة العربية لدى فئة الشباب وتطوير المهارات اللغوية عند محدثيها.

انطلاقا من مسؤوليته عن منطقة مكة المكرمة، ورغبة في خدمة ضيوف الرحمن أطلق سموه مبادرة بعنوان: -مبادرة درب الأنبياء لخدمة ضيوف الرحمن (٢٠١٩) وهي مبادرة إنسانية تهدف لخدمة ضيوف الرحمن وتتمثل رؤيتها في الوصول للتميز والجودة في خدمة الحجاج والمعتمرين في حين تتمثل رسالة المبادرة في تقديم خدمات مميزة للحجاج والمعتمرين العابرين طريق الهجرة بمحافظة خليص بكفاءة عالية ميدانية و تقنية توثقاً للروابط الأخوية و ترسيخاً للمبادئ الإسلامية.