ماذا لو؟
تساؤل يقفز أمامي كلما أمعنت النظر في حال المجتمع السعودي وهو يمر بفترة انتقالية حرجة من مرحلة حضارية إلى أخرى. والشعوب والمجتمعات في مثل هذه الحالات يعتريها شيء من التشتت الفكري والاضطراب النفسي نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية سلبا وإيجابا .ومن الأهمية بمكان الثبات على المواقف والتأكيد على القيم والمبادئ في مثل هذه الأوضاع. ثم دراسة الأمور بحكمة وحذر، وعدم البت في أمر إلا بعد استفاضة الدراسات واتضاح الرؤى وتقييم النتائج، يأتي بعد ذلك ضرورة اتخاذ القرارات التاريخية الشجاعة التي تضمن سلامة المنهج ونجاح المشروع، مع ضرورة حماية التطبيق وآلية التنفيذ. هنا أشرك القارئ الكريم في التفكير الجاد معي:
- ماذا لو أخلصنا النية والقول والعمل لله ثم للمليك والوطن؟
- ماذا لو اعترفنا بتميز قيادتنا، وهي تقود بلادنا إلى بر الأمان سياسية، واقتصادية ، واجتماعية، وثقافيا، وفي هذا الزمن الذي جرت فيه كثير من قيادات العالم بلادها وشعوبها إلى الكوارث؟
- ماذا لو انتهزنا هذه الفرصة التاريخية التي تتوفر لنا فيها: المكانة الروحية، والوفرة المالية، والقيادة التطويرية، للارتقاء بهذا الوطن من العالم الثالث إلى العالم الأول؟
- ماذا لو بادرنا بالالتفاف حول القيادة لوضع استراتيجية تنموية طموح يحدد لها فترة زمنية معينة لتحقيق هذا الهدف، واخترنا لها فريق عمل عالي الكفاءة، كبير الشجاعة، صادق الولاء والنية، وبمشاركة جماعية من عموم المواطنين، لتنفيذ هذه الخطة في الفترة الزمنية المحددة، وعدم الالتفات للمعارضات السخيفة؟
- ماذا لو ركزنا على العلم والثقافة أولا – لأنه لا حضارة ولا رقي بدون علم – وأعدنا النظر في نظام التعليم، فانتقلنا من التعليم بالحفظ والتلقين، إلى التعلم بالبحث والتطبيق، وشجعنا التعليم الخاص بدلا من التوسع في إنشاء المدارس والجامعات الرسمية، وتكفلت الدولة بدفع تكاليف الدراسة في المدارس والجامعات الخاصة، بدلا من الصرف المضاعف على المنتج الهزيل في هذه المدارس والجامعات الحكومية؟
- ماذا لو استفدنا من تجارب البلاد الخليجية المجاورة في تشجيع الاستثمار، وأعطينا الصلاحية لهيئة الاستثمار لإنهاء جميع الإجراءات الرسمية لكل طلب استثمار جاد خلال أسبوع واحد من تقديم الطلب، وفتحنا مكاتب وفروعا لهذا الغرض في جميع مناطق المملكة؟
- ماذا لو شجعنا المشاريع الصحية الخاصة، وتحملت الدولة نفقات التأمين الصحي للمواطنين الذين لا يعملون في مؤسسات وشركات تغطي نفقات علاجهم في هذه المستشفيات، عوضا عن المستشفيات الحكومية المتعثرة عملية والباهظة التكاليف؟
- ماذا لو طورنا مبادرة الإسكان الشعبي، إلى نظام إسكاني متطور ومستمر، يضمن لكل مواطن وحدة سكنية مناسبة، يساعده في بلوغ هذا الهدف البنك العقاري بقروض طويلة الأجل؟
- ماذا لو أنصفنا ديننا، وقدمناه للعالم، كما هو دين عدل وإحسان ورقي وحضارة، ولم نظلمه ونشوهه ونصوره دين جمود وتخلف وإرهاب؟
- ماذا لو اعترفنا بفضل علمائنا الربانيين - وخصوصا هيئة كبار العلماء – الذين يعملون بأمانة وإخلاص، لوجه الله تعالى، وإعلاء كلمته، ومنحناهم حق قدرهم من الاحترام والإجلال - جهرا وسرا – وفرقنا بينهم وبين المستشيخين من تيار الإسلام السياسي، الذين امتطوا صهوة الدين، للوصول إلى مآرب دنيوية، والتسابق على
نجومية التلفزيون؟
- ماذا لو اقتصرت الفتوى في بلادنا على الهيئة العليا للإفتاء، وتوقفت الفتاوى الفردية، المتضاربة وفتاوى على الهواء؟
- ماذا لو انتبهنا للمغالطة التي تمرر بين الحين والآخر، بالخلط بين ما سموه المؤسسة الدينية التقليدية السعودية - وهي تعني هذا الكيان: قيادة وعلماء ومجتمعا – وبين تنظيمات الصحوة التكفيرية، التي استغلت الدين للهجوم على أهل الدين الحقيقيين في هذه البلاد؟ .
- ماذا لو تنبهنا للفخ الذي ينصب لنا منذ مدة، من قبل بعض الفضائيات والصحف المعادية، بدعوة أفراد من المجتمع السعودي، واستفزازهم واستثارتهم بالحديث ضد دينهم ودولتهم ومجتمعهم، في محاولة خسيسة لتفرقة السعوديين إلى تيارات ومذاهب مختلفة ومتصارعة، وتصنيف الناس خطأ وبهتانًا بين إسلامي وغير إسلامي، حتى إنها بدأت تنعكس على صحافتنا المحلية للأسف؟..
- ماذا لو ارتفع نشاط ومستوى أداء رجال الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورجال التعليم، والمثقفين، إلى مستوى رجال الأمن في مكافحة الإرهاب والفكر الإرهابية؟
- ماذا لوكف بعض خطباء المساجد عن الخوض في أمور السياسة - التي لا يتقنونها ويكتفون بالوعظ في أمور الدين التي يجيدونها؟.
- ماذا لوكف بعض المعلمين في المدارس وأساتذة الجامعات، عن تمرير المنهج التكفيري الخفي في فصول الدراسة، وخارجها، في المعسكرات الصيفية، والرحلات الجماعية، وركزوا على تنمية الاعتزاز بالدين والوطن؟
- ماذا لو تضافرت جهود الآباء والأمهات مع الدولة في مكافحة الفكر الإرهابي، وبلغوا المسؤولين في المناطق عن كل تحول سلبي في حياة أبنائهم وبناتهم، مع ذكر أسماء المدارس والمدرسين والموجهين المسؤولين عن ذلك؟
- ماذا لو توقفنا عن جلد الذات، وجحود النعمة، وشكرنا الله على ما أسبغ على هذه البلاد، من الأمن والاستقرار والخير الوفير؟
- ماذا لو علمنا أبناءنا حلاوة الابتسامة وطراوتها؟
- ماذا لو علمنا أبناءنا كيف يخشعون للموعظة، ويطربون للحن الجميل؟
- ماذا لو التفت كل واحد منا لأخيه المواطن وقال: إرفع رأسك: أنت سعودي؟
-
شارك المقال على :
-
-
-
صحيفة الوطن فى 2006م