عسير سوف تفعلها
من حق كل سعودي أن يرفع رأسه اعتزازاً بوطنه، وهو يتابع ردود الأفعال العربية والعالمية على نجاح المملكة الباهر في إدارة القمة العربية التاسعة عشر، حتى إنه فيما يشبه الإجماع جرى تسميتها بالقمة لاستثناء وما كان الاستثناء لولا المكان والانسان.
ولست هنا بصدد الحديث عن الجهود الكبيرة التي بذلتها السعودية قبل وأثناء انعقادها، ولا عن مدى الحكمة والشفافية في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وفي قادته للمؤتمر، ولاعن جهود المملكة المأمولة في تفعيل مقرراتها طوال العالم الذي ترأس فيه القمة، فذلك أمر أوسعه الشراح قبلي ، وبعدي سيفعلون.
بيد أنه في هذه اللحظة التي يضيف فيها التاريخ إلى حسابات وطني مكتسباً جليلاً يُضم إلى سوابقه في تعظيم منزلته في عيون العرب والعلم ، أجد لزاما عليّ وعلى كل مواطن أن نرفع أسمى آيات التهاني إلى عاهلنا القائد الحكيم، وسمو ولي عهده الأمين ، وإلى الفريق الذ عاون في تحقيق هذا النجاح المشرف.
وعلى المدى القريب قبيل القمه كان لبلادي دور رائد مشهود في أحداث أخرى هامة، فقد سعت في جمع الشتات الفلسطيني بعد طول شقاق بين الأشقاء ونزيف الدماء بين القبائل، وقبل ذلك انحازت لمصلحة الشعب اللبناني فدعمته ثم سعت-ولاتزال- لتهدئة الأجواء وكبح جماح طبول الحرب، وبالدور ذاته تسعى بين أطراف النزاع الإيراني العالمي في الشأن النووي.
ولعل هذه المواقف السعودية وغيرها تؤكد ما سبق أن ذهبت إليه في مقالي المنشور بهذه الصحيفة بتاريخ 10/5/1427هـ
تحت عنوان (الجهل بالقيمة والمفارقات العجيبة)، والذي أرت فيه إلى أن السعودية استطاعت أن تحقق مكتسباتها الكبيرة وموقعها الريادي في الأمتين العربية والإسلامية ، ومنزلتها الرفيعة على مستوى العالم شرقه وغربه، وسُقت شيئاً من دلائل ذلك.
ولا أجد نفسي اليوم في حاجة إلى مزيد من الأدلة على ما بلغته بلادي في عيون الغير، بقدر حاجتي إلى معاودة تذكير كل شقيق في الوطن لاتزال نظرته لبلاده رهن البدايات، قاصره عن إدراك التحديات، والمكتسبات، بأن يسارع إلى إعادة النظر ممعناً فيما يدور حوله، كي يدرك القيمة العالمية لوطنه وقيمته كفرد فيه، وإذا انتسبت الأوطان فلنا أن ننتخي بأنا إلى السعودية ننتسب.
وفي هذه المرحلة الانتقالية الهامه التي تمر بها البلاد سعيا لتأصيل دورها على كل الأصعده، أعتقد أنه آن الآوان لصحوة يسعى فيها كل منا إلى تعظيم دوره نحو بناء وطنه والذود عنه ومساعدة المشروع التنموي الطموح الذي تتبناه القيادة، مؤكداً أن تسارع نبض النهضة السعودية سوف يتضاعف أضعافاً مضاعفة حين يؤمن كل منا أن له دوراً واجب الأداء لتحقيق هذه النهضة، بأن يكون داعماً لمشروعه الوطني مؤثراً الاستثمار فيه، مؤمناً بدور مؤسسات المجتمع وأفراده جميعاً في مسيرة التقدم، حارساً أميناً على منجزات وطنه، محترماً لنظامه وملتزماً به، ومتصدياً لكل من يحاول العبث بأمنه ومقدراته.
آن الأوان كي نتخلص من الرفاهية الغير مستحقة التي نتمتع فيها بالتراخي في العمل وترهل الإدارات اتكالاً على ما تم إنجازه، ولأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان ، ومن ظاهرة الغياب والتسرب من العمل والاتكالية وتجيير المسؤولية ،واستباحة(حلال الحكومة) لأنه في الحقيقة حلالنا جميعاً، وأن نفعّل قيم الأمانة والواجب والمسؤولية التي تحث عليها عقيدتنا.
ولابد من المراقبة والمتابعة والمحاسبة ،لأن أكثر ماضرنا التساهل والتستر حتى على مجرم بل والاحتفاء به أحياناً، ولابد أن تعاد للقبيلة مكانتها كمؤسسة اجتماعية هامة وتوظيفها للتنمية والإصلاح وعلاج الظواهر السلبية.
وما يدعوني لإعادة الطرق والتركيز على حتمية الجهد الجماعي في البناء أن منطقة عسير اليوم على المحك لتقدم المثل واقعاً عملياً لهذه الصحوة المطلوبة. فقد اعتمدت الدولة (المخطط الإقليمي للمنطقة حتى 1450هـ) الذي أعدته وزارة الشؤون البلدية والقروية-بما فيه من ميزانيات ومشروعات- والذي استغرق إعداده ست سنوات، مستهدفاً تنمية المكان بتحقيق نقلة نوعية.
-
شارك المقال على :
-
-
-
صحيفة الوطن فى 2007م