المكتبة الرقمية التفاعلية

Articles

Ignorance of value and the strange paradoxes 2

في ٧/٥/١٤٢٧هـ كتبت في صحيفة الوطن، تحت عنوان "الجهل بالقيمة .. والمفارقات العجيبة.."، متسائلا: لماذا تحظى بلادنا ونظامنا باحترام الغير شرقا وغربا – أصدقاء وفرقاء . في حين أن من أبنائها من لا يعرف لها قدرها، ولا قدر نفسه منسوبا إليها ثم أشرت إلى أنه وسط الضجيج العالمي المتخبط، الذي شهده القرن العشرون من تقلب الأنظمة، وتعاقب الزعامات، وسقوط الخلافة، ونشوب حربين كونيتين، والصراع بين القطبين، والغزو الفكري، قامت المملكة العربية السعودية كأول وحدة عربية، وأول دولة يقوم نظامها على الشريعة الإسلامية، وتضع كلمة التوحيد على رايتها، وكلمة (العربية) ضمن إسمها الرسمي، وأنها اجتهدت في نشر الدعوة، ونصرة قضايا العرب والمسلمين، حتى أصبحت رائدة الفكر الإسلامي، بمواقفها، وفتاوى علمائها، والقرارات التي تصدر عن أي اجتماع يعقد في مكة أو الرياض. كما أنها تبوأت موقعة اقتصادية بارزة، داخلية: بتجربتها المميزة في التنمية، حيث القيادة هنا - على غير العادة عند غيرنا - تسبق بالمبادرات التقدمية والتطويرية طموحات المواطنين، وتسحب المجتمع سحب تجاه التحديث، بما لا يخالف صحيح الإسلام، وتتصدی ( بنفسها) لمحاولات رهن المجتمع بزمن عفا عليه الزمن، وبذلك حققت قفزتها التنموية الهائلة في زمن وجيز. وخارجيا: حيث ينظر العالم إليها كقوة اقتصادية مؤثرة، لحيازتها أكبر احتياطي للنفط، ولأنها رمانة الميزان في ضبط أسعاره عالميا، كما أن البورصة السعودية أكبر بورصات الشرق الأوسط، وأكثرها تأثير في أسواق الخليج وكبريات الأسواق العربية والإقليمية. ومع كل هذه الحقائق الثابتة، فإن قوى خارجية - من الغرب خاصة . تتعامى عنها عمدة، وتروج عنا مغالطات عكسية، في غزو فكري مخطط، يستهدف تقزيم نجاحاتنا، بل ومحاولة طمسها في أعيننا وتثبيط عزائمنا، الأسف الشديد ينطلي هذا على ( بعضنا) على نحو ما عبرت عنه قصيدتي "الهبوب": "وشككونا في أنفسنا ..بالغزوات الثقافية.. واتهمونا بالقبلية.. واشعلوها طائفية.. وكذبونا وصدقناهم.. بالفنون الإعلامية". ولقد دعاني إلى طرق هذا الموضوع مجددا، أنه قد خرج أخيرا من رحم هذا الزيف والتلفيق، صوت يصدح بالحق، والحق أقوى وأبلج إذا ما أنطق به الله ضمير واحد، من دائرة الآخر، والفضل ما شهد لك به غيرك. ففي مقالة للكاتب الأكاديمي الأمريكي وولتر روسيل ميد في THE AMERICAN INTEREST تحت عنوان "القوى السبع العظمى" ، عن القوى العالمية الحقيقية.. التي تستطيع أن تهز العالم.. بحسب قدرتها على صياغة بيئتها الإقليمية والنظام العالمي بشكل عام .. والتي تملك أكبر قدرة على التأثير في السياسة العالمية من خلال خياراتها ، وفيه يعترف بالمملكة العربية السعودية ضمن هذه السباعية فيقول: ” عام 2014م كان العام الثاني - على التوالي - الذي تهز فيه السعودية العالم، ففي عام 2013م ساعد السعوديون الجيش المصري على الإطاحة بحكومة مرسي، في تحرك أربك سياسة الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط. وفي عام 2014م، قام السعوديون بتدبير انهيار أسعار النفط، بطريقة قلبت السياسة الدولية، والقوة الكبرى تكشف نفسها في تحقيق أشياء كبيرة، فالكثير من الدول التي يزيد عدد سكانها عن سكان السعودية، وتتفوق عليها من حيث القوة العسكرية، وتملك أساسات تكنولوجية أكثر تطورا من السعودية، تفتقر إلى قدرة المملكة الصحراوية، على إحداث تغيير أساسي في الموازين الجيوسياسية، وإعادة ترتيب الاقتصاد العالمي. ورغم أنه لم يوفق في ادعائه أننا (دبرنا) انهيار أسعار النفط، حيث الحقيقة أن دور المملكة كان - فقط - الصمود والتوازن في مواجهة من دبر الأمر، فإن "وولتر" ذاك الأمريكي الشهير، صاحب الباع الطويل: أكاديمية وسياسية وإعلامية، قد قطع قول كل خطيب مزيف ومزيف، يحاول - يائسة بائسة - إنكار الدور السعودي ضمن القوى الفاعلة في العالم. ولكن .. ومع كل ما تقدم، قد يبقى للحملات المسعورة الموجهة علينا، شيء من الأثر السلبي على (بعضنا) ، وإلى هؤلاء لا تزال (بعض) الأسئلة في مقالي الآنف مطروحة: لماذا لا يزال (بعضنا) لا يعرف - على نحو الحقيقة - قيمة وطنه في عيون العالم، فيعتز بهذا الوطن، وبنفسه، وبمكتسباته الوطنية، ويحافظ عليها ويصونها، بدلا من العبث بها وإهدارها؟ لماذا لا يزال البعض يستثمر خارج الحدود، بينما العالم كله يستثمر عندنا؟، ولماذا يتقاعس عن التصدي الجاد للبطالة؟، وكيف - مع القوة المالية الهائلة للمملكة - لا توجد استثمارات موازية؟ ولماذا يستورد المواطن هنا كل شيء، ولا يكاد يصدر شيئا. كيف يحاول البعض - باسم الإسلام - إلغاء هوية هذا الوطن، مع أنه قائم على شريعة الإسلام..؟ وأعود وأكرر ما سبق أن ذكرته في مقالي السابق، بأنني لا أشكك في قوة انتماء أبناء وطني الوطني، لأني أدرك مدى حب كل سعودي لهذا الوطن، ولكني فقط أذكر، بأنه لو أدرك هذا البعض قيمة هذا الوطن، لأدرك قيمة نفسه كفرد فيه، ولأدرك واجباته تجاه دينه، ثم تجاه هذا الوطن، الحقيق بأن نفخر جميعا بالانتساب إليه، وبذل غاية جهدنا المواصلة مسيرته نحو العالم الأول.

  • شارك المقال على :
صحيفة الوطن فى 2014م